عمر دمباي يكتب: الموسم الزراعي بالقضارف.. ارتفاع التكلفة وتأخر التمويل
إحباط كبير يسود المزارعين جراء تعامل الحكومة مع الزراعة وعدم الإهتمام بها خاصة في هذا الموسم الاستثنائي عقب خروج القطاعات المطرية في ولايات دارفور وكردفات وسنار، وما يقابله من تحذيرات أممية من حدوث مجاعة بالسودان، نلاحظ برود غير طبيعي وغير مسبوق تتعامل به الحكومة تجاه الموسم الزراعي، بجانب عدم وضع أدنى أهمية لهذا الموسم الزراعي رغم أهميته.
تدخلات خجولة من قبل البنك الزراعي الذي تآكلت روؤس أمواله بسبب السياسات التقليدية التي يتبعها منذ سنوات وغياب الابتكار والتحديث في عمليات التمويل، حيث تمثلت تلك التدخلات في توفير السماد والجازولين لبعض المساحات التي لا تتعدى مليون ونصف المليون فدان، في ظل غياب تمويل المبيدات والآليات.
بعض البنوك التجارية حاولت التدخل لكن الملاحظ في ذلك أن تلك البنوك غير مواكبة لأسعار السوق فلا يعقل تحديد 37 ألف جنيه كسعر سلم لجوال الذرة الذي تجاوز سعره اليوم في الأسواق 70 ألف جنيه، فيما تفوق تكلفة إنتاج الأردب 80 ألف جنيه.
في بداية عمليات التجهيز للموسم الزراعي كان سعر برميل الجازولين أقل من أربعمائة ألف جنيه، فيما تجاوز سعر البرميل اليوم ستمائة ألف جنيه وقابل للزيادة أكثر وأكثر في ظل تراجع قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار الأمريكي.
بعض المنظمات الدولية العاملة في الولاية وتحديداً في دعم صغار المنتجين من النساء، ساهمت بصورة جيدة في توفير تقاوى وأسمدة لكنها تدخلات لا تغطي مساحات كبيرة .
كان من الجيد للحكومة أن تعلن حالة طواريء زراعية قصوى بولاية القضارف لزراعة كافة المساحات بالولاية والتي تتجاوز 8 ملايين فدان، والالتزام الكامل بتوفير الجازولين والمبيدات والأسمدة وكل ما يحتاجه المزارع في هذا الموسم لسد عجز ما فقدته البلاد بسبب الحرب وخروج ملايين الأفدنة من دائرة الإنتاج .
عدم إتخاذ وزارة الزراعة الأتحادية حاضرة القضارف كمقر رئيسي لها، أسوة ببقية الوزارات التي اتخذت من الولايات الآمنة مقراً لها حسب الميزات الفضيلة لكل ولاية، يعد مؤشر واضح لغياب الإرادة السياسية في التعامل بجدية مع أولويات البلاد ومن بينها انجاح الموسم الزراعي.
على كل حال، يمكن لوزارة المالية والبنوك الحكومية والتجارية وكافة القطاعات ذات الصلة بالزراعة تدارك ما يمكن تداركه لتجاوز العقبات الواضحة التي تهدد الموسم الزراعي بالقضارف عبر تدخلات واضحة وكبيرة.